اللّٰهُمَّ إِنِّى أَرْغَبُ إِلَيْكَ وَأَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ مُقِرّاً بِأَنَّكَ رَبِّى، وَأَنَّ إِلَيْكَ مَرَدِّى، ابْتَدَأْتَنِى بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً، وَخَلَقْتَنِى مِنَ التُّرابِ، ثُمَّ أَسْكَنْتَنِى الْأَصْلابَ آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ، وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ وَالسِّنِينَ؛
فَلَمْ أَزَلْ ظاعِناً مِنْ صُلْبٍ إِلىٰ رَحِمٍ فِى تَقادُمٍ مِنَ الْأَيَّامِ الْماضِيَةِ وَالْقُرُونِ الْخالِيَةِ لَمْ تُخْرِجْنِى لِرَأْفَتِكَ بِى وَلُطْفِكَ لِى وَ إِحْسانِكَ إِلَىَّ فِى دَوْلَةِ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لَكِنَّكَ أَخْرَجْتَنِى رَأْفَةً مِنْكَ وَتَحَنُّناً عَلَىَّ لِلَّذِى سَبَقَ لِى مِنَ الْهُدَى الَّذِى لَهُ يَسَّرْتَنِى وَفِيهِ أَنْشَأْتَنِى، وَمِنْ قَبْلِ ذٰلِكَ رَؤُفْتَ بِى بِجَمِيلِ صُنْعِكَ وَسَوابِغِ نِعَمِكَ فَابْتَدَعْتَ خَلْقِى مِنْ مَنِيٍّ يُمْنىٰ، وَأَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ بَيْنَ لَحْمٍ وَدَمٍ وَجِلْدٍ؛
لَمْ تُشْهِدْنِى خَلْقِى، وَلَمْ تَجْعَلْ إِلَىَّ شَيْئاً مِنْ أَمْرِى، ثُمَّ أَخْرَجْتَنِى لِلَّذِى سَبَقَ لِى مِنَ الْهُدىٰ إِلَى الدُّنْيا تامّاً سَوِيّاً، وَحَفِظْتَنِى فِى الْمَهْدِ طِفْلاً صَبِيّاً، وَرَزَقْتَنِى مِنَ الْغِذاءِ لَبَناً مَرِيّاً، وَعَطَفْتَ عَلَىَّ قُلُوبَ الْحَواضِنِ، وَكَفَّلْتَنِى الْأُمَّهاتِ الرَّواحِمَ ، وَكَلَأْتَنِى مِنْ طَوارِقِ الْجانِّ، وَسَلَّمْتَنِى مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ، فَتَعالَيْتَ يَا رَحِيمُ يَا رَحْمٰنُ، حَتَّىٰ إِذَا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقاً بِالْكَلامِ؛
أَتْمَمْتَ عَلَىَّ سَوابِغَ الْإِنْعامِ، وَرَبَّيتَنِى زائِداً فِى كُلِّ عامٍ، حَتَّىٰ إِذَا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتِى وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتِى أَوْجَبْتَ عَلَىَّ حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلْهَمْتَنِى مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَنِى بِعَجائِبِ حِكْمَتِكَ، وَأَيْقَظْتَنِى لِما ذَرَأْتَ فِى سَمائِكَ وَأَرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهْتَنِى لِشُكْرِكَ وَذِكْرِكَ، وَأَوْجَبْتَ عَلَىَّ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ، وَفَهَّمْتَنِى مَا جاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لِى تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ، وَمَنَنْتَ عَلَىَّ فِى جَمِيعِ ذٰلِكَ بِعَوْنِكَ وَلُطْفِكَ؛
ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِى مِنْ خَيْرِ الثَّرىٰ، لَمْ تَرْضَ لِى يَا إِلٰهِى نِعْمَةً دُونَ أُخْرىٰ، وَرَزَقْتَنِى مِنْ أَنْواعِ الْمَعاشِ وَصُنُوفِ الرِّياشِ بِمَنِّكَ الْعَظِيمِ الْأَعْظَمِ عَلَىَّ، وَ إِحْسانِكَ الْقَدِيمِ إِلَىَّ، حَتَّىٰ إِذا أَتْمَمْتَ عَلَىَّ جَمِيعَ النِّعَمِ وَصَرَفْتَ عَنِّى كُلَّ النِّقَمِ لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِى وَجُرْأَتِى عَلَيْكَ أَنْ دَلَلْتَنِى إِلَىٰ مَا يُقَرِّبُنِى إِلَيْكَ، وَوَفَّقْتَنِى لِما يُزْ لِفُنِى لَدَيْكَ، فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِى، وَ إِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِى، وَ إِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِى، وَ إِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنِى؛
كُلُّ ذٰلِكَ إِكْمالٌ لِأَنْعُمِكَ عَلَىَّ وَ إِحْسانِكَ إِلَىَّ، فَسُبْحانَكَ سُبْحانَكَ مِنْ مُبْدِىً مُعِيدٍ حَمِيدٍ مَجِيدٍ ! وَتَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ، وَعَظُمَتْ آلاؤُكَ، فَأَىُّ نِعَمِكَ يَا إِلٰهِى أُحْصِى عَدَداً وَذِكْراً ؟ أَمْ أَىُّ عَطاياكَ أَقُومُ بِها شُكْراً وَهِىَ يَا رَبِّ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيهَا الْعادُّونَ، أَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا الْحافِظُونَ ؟ ثُمَّ مَا صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنِّى اللّٰهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرَّاءِ أَكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لِى مِنَ الْعافِيَةِ وَالسَّرَّاءِ، وَأَنَا أَشْهَدُ يَا إِلٰهِى بِحَقِيقَةِ إِيمانِى؛
وَعَقْدِ عَزَماتِ يَقِينِى، وَخالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِى، وَباطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِى، وَعَلائِقِ مَجارِى نُورِ بَصَرِى، وَأَسارِيرِ صَفْحَةِ جَبِينِى، وَخُرْقِ مَسارِبِ نَفْسِى ، وَخَذارِيفِ مارِنِ عِرْنِينِى، وَمَسارِبِ سِماخِ سَمْعِى، وَمَا ضُمَّتْ وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتاىَ، وَحَرَكاتِ لَفْظِ لِسانِى، وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمِى وَفَكِّى وَمَنابِتِ أَضْراسِى؛
وَمَساغِ مَطْعَمِى وَمَشْرَبِى، وَحِمالَةِ أُمِّ رَأْسِى، وَبُلُوعِ فارِغِ حَبائِلِ عُنُقِى، وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تامُورُ صَدْرِى، وَحَمائِلِ حَبْلِ وَتِينِى، وَ نِياطِ حِجابِ قَلْبِى، وَأَفْلاذِ حَواشِى كَبِدِى، وَمَا حَوَتْهُ شَراسِيفُ أَضْلاعِى، وَحِقاقُ مَفاصِلِى، وَقَبْضُ عَوامِلِى، وَأَطْرافُ أَنامِلِى، وَلَحْمِى وَدَمِى وَشَعْرِى وَبَشَرِى وَعَصَبِى وَقَصَبِى وَعِظامِى وَمُخِّى وَعُرُوقِى وَجَمِيعُ جَوارِحِى وَمَا انْتَسَجَ عَلَىٰ ذٰلِكَ أَيَّامَ رِضاعِى، وَمَا أَقَلَّتِ الْأَرْضُ مِنِّى وَنَوْمِى وَيَقْظَتِى وَسُكُونِى، وَحَرَكاتِ رُكُوعِى وَسُجُودِى؛
أَنْ لَوْ حاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الْأَعْصارِ وَالْأَحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها أَنْ أُؤَدِّىَ شُكْرَ واحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذٰلِكَ إِلّا بِمَنِّكَ الْمُوجَبِ عَلَىَّ بِهِ شُكْرُكَ أَبَداً جَدِيداً، وَثَناءً طارِفاً عَتِيداً، أَجَلْ وَلَوْ حَرَصْتُ أَنَا وَالْعادُّونَ مِنْ أَنامِكَ أَنْ نُحْصِىَ مَدىٰ إِنْعامِكَ سالِفِهِ وَآنِفِهِ مَا حَصَرْناهُ عَدَداً، وَلَا أَحْصَيْناهُ أَمَداً، هَيْهاتَ أَنَّىٰ ذٰلِكَ وَأَنْتَ الْمُخْبِرُ فِى كِتابِكَ النَّاطِقِ وَالنَّبَاَ الصَّادِقِ ﴿وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّٰهِ لاٰ تُحْصُوهٰا﴾؛
صَدَقَ كِتابُكَ اللّٰهُمَّ وَ إِنْباؤُكَ، وَبَلَّغَتْ أَنْبِياؤُكَ وَرُسُلُكَ مَا أَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دِينِكَ، غَيْرَ أَنِّى يَا إِلٰهِى أَشْهَدُ بِجَُهْدِى وَجِدِّى وَمَبْلَغِ طاعَتِى وَوُسْعِى، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً الْحَمْدُلِلّٰهِ الَّذِى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَُ مَوْرُوثاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِى مُلْكِهِ فَيُضادَّهُ فِيَما ابْتَدَعَ؛
وَلَا وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فِيما صَنَعَ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ ﴿لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلّا اللّٰهُ لَفَسَدَتا﴾ وَتَفَطَّرَتا ! سُبْحانَ اللّٰهِ الْواحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِى لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ! الْحَمْدُلِلّٰهِ حَمْداً يُعادِلُ حَمْدَ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِهِ الْمُرْسَلِينَ، وَصَلَّى اللّٰهُ عَلَىٰ خِيَرَتِهِ مُحَمَّدٍ خاتَِمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْمُخْلَصِينَ وَسَلَّمَ.
اللّٰهُمَّ اجْعَلْنِى أَخْشاكَ كَأَنِّى أَراكَ، وَأَسْعِدْنِى بِتَقْواكَ، وَلَا تُشْقِنِى بِمَعْصِيَتِكَ، وَخِرْ لِى فِى قَضائِكَ، وَبارِكْ لِى فِى قَدَرِكَ، حَتَّىٰ لَاأُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ وَلَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ .
اللّٰهُمَّ اجْعَلْ غِناىَ فِى نَفْسِى، وَالْيَقِينَ فِى قَلْبِى، وَالْإِخْلاصَ فِى عَمَلِى، وَالنُّوْرَ فِى بَصَرِى، وَالْبَصِيرَةَ فِى دِينِى، وَمَتِّعْنِى بِجَوارِحِى، وَاجْعَلْ سَمْعِى وَبَصَرِى الْوارِثَيْنِ مِنِّى، وَانْصُرْنِى عَلَىٰ مَنْ ظَلَمَنِى، وَأَرِنِى فِيهِ ثارِى وَمَآرِبِى، وَأَقِرَّ بِذٰلِكَ عَيْنِى .
اللّٰهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِى، وَاسْتُرْ عَوْرَتِى، وَاغْفِرْ لِى خَطِيئَتِى، وَاخْسَأْ شَيْطانِى، وَفُكَّ رِهانِى، وَاجْعَلْ لِى يَا إِلٰهِى الدَّرَجَةَ الْعُلْيا فِى الْآخِرَةِ وَالْأُولىٰ؛
اللّٰهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِى فَجَعَلْتَنِى سَمِيعاً بَصِيراً، وَلَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِى فَجَعَلْتَنِى خَلْقاً سَوِيّاً رَحْمَةً بِى وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِى غَنِيّاً، رَبِّ بِما بَرَأْتَنِى فَعَدَّلْتَ فِطْرَتِى، رَبِّ بِما أَنْشَأْتَنِى فَأَحْسَنْتَ صُورَتِى، رَبِّ بِما أَحْسَنْتَ إِلَىَّ وَفِى نَفْسِى عافَيْتَنِى، رَبِّ بِما كَلَأْتَنِى وَوَفَّقْتَنِى، رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَىَّ فَهَدَيْتَنِى، رَبِّ بِما أَوْلَيْتَنِى وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَعْطَيْتَنِى، رَبِّ بِما أَطْعَمْتَنِى وَسَقَيْتَنِى، رَبِّ بِما أَغْنَيْتَنِى وَأَقْنَيْتَنِى، رَبِّ بِما أَعَنْتَنِى وَأَعْزَزْتَنِى، رَبِّ بِما أَلْبَسْتَنِى مِنْ سِتْرِكَ الصَّافِى، وَيَسَّرْتَ لِى مِنْ صُنْعِكَ الْكافِى؛ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعِنِّى عَلَىٰ بَوائِقِ الدُّهُورِ وَصُرُوفِ اللَّيالِى وَالْأَيَّامِ، وَنَجِّنِى مِنْ أَهْوالِ الدُّنْيا وَكُرُباتِ الْآخِرَةِ، وَاكْفِنِى شَرَّ مَا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِى الْأَرْضِ .
اللّٰهُمَّ مَا أَخافُ فَاكْفِنِى، وَمَا أَحْذَرُ فَقِنِى، وَفِى نَفْسِى وَدِينِى فَاحْرُسْنِى، وَفِى سَفَرِى فَاحْفَظْنِى، وَفِى أَهْلِى وَمالِى فَاخْلُفْنِى، وَفِيما رَزَقْتَنِى فَبارِكْ لِى، وَفِى نَفْسِى فَذَلِّلْنِى، وَفِى أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِى، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فَسَلِّمْنِى، وَبِذُنُوبِى فَلا تَفْضَحْنِى، وَبِسَرِيرَتِى فَلا تُخْزِنِى، وَبِعَمَلِى فَلا تَبْتَلِنِى، وَ نِعَمَكَ فَلا تَسْلُبْنِى، وَ إِلىٰ غَيْرِكَ فَلا تَكِلْنِى؛
إِلٰهِى إِلىٰ مَنْ تَكِلُنِى، إِلىٰ قَرِيبٍ فَيَقْطَعُنِى، أَمْ إِلىٰ بَعِيدٍ فَيَتَجَهَّمُنِى، أَمْ إِلَى الْمُسْتَضْعِفِينَ لِى وَأَنْتَ رَبِّى وَ مَلِيكُ أَمْرِى ؟ أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتِى، وَبُعْدَ دارِى، وَهَوانِى عَلَىٰ مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِى، إِلٰهِى فَلاٰ تُحْلِلْ عَلَىَّ غَضَبَكَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَىَّ فَلا أُبالِى سِواكَ، سُبْحانَكَ غَيْرَ أَنَّ عافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِى، فَأَسْأَلُكَ يَا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِى أَشْرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ وَالسَّماواتُ، وَكُشِفَتْ بِهِ الظُّلُماتُ؛
وَصَلَُحَ بِهِ أَمْرُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ أَنْ لَاتُمِيتَنِى عَلَىٰ غَضَبِكَ وَلَا تُنْزِلْ بِى سَخَطَكَ، لَكَ الْعُتْبىٰ، لَكَ الْعُتْبىٰ حَتَّىٰ تَرْضىٰ قَبْلَ ذٰلِكَ لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرامِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَالْبَيْتِ الْعَتِيقِ الَّذِى أَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ وَجَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ أَمْناً، يَا مَنْ عَفا عَنْ عَظِيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ، يَا مَنْ أَسْبَغَ النَّعْماءَ بِفَضْلِهِ، يَا مَنْ أَعْطَى الْجَزِيلَ بِكَرَمِهِ، يَا عُدَّتِى فِى شِدَّتِى، يَا صاحِبِى فِى وَحْدَتِى، يَا غِياثِى فِى كُرْبَتِى، يَا وَلِيِّى فِى نِعْمَتِى، يَا إِلٰهِى وَ إِلٰهَ آبائِى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَرَبَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَ إِسْرافِيلَ وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَِمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ الْمُنْتَجَبِينَ، وَ مُنْزِلَ التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقانِ وَمُنَزِّلَ كهيعص وَطٰهٰ وَيٰس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ؛
أَنْتَ كَهْفِى حِينَ تُعْيِينِى الْمَذاهِبُ فِى سَعَتِها، وَتَضِيقُ بِىَ الْأَرْضُ بِرُحْبِها ، وَلَوْلَا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهالِكِينَ، وَأَنْتَ مُقِيلُ عَثْرَتِى، وَلَوْلا سَتْرُكَ إِيَّاىَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ، وَأَنْتَ مُؤَيِّدِى بِالنَّصْرِ عَلَىٰ أَعْدائِى، وَلَوْلا نَصْرُكَ إِيَّاىَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبِينَ، يَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ فَأَوْلِياؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ، يَا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ عَلَىٰ أَعْناقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خائِفُونَ؛
يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ، وَغَيْبَ مَا تَأْتِى بِهِ الْأَزْمِنَةُ وَالدُّهُورُ، يَا مَنْ لَايَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إِلّا هُوَ، يَا مَنْ لَايَعْلَمُ مَا هُوَ إِلّا هُوَ، يَا مَنْ لَايَعْلَمُهُ إِلّا هُوَ ، يَا مَنْ كَبَسَ الْأَرْضَ عَلَى الْماءِ وَسَدَّ الْهَواءَ بِالسَّماءِ، يَا مَنْ لَهُ أَكْرَمُ الْأَسْماءِ، يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِى لَايَنْقَطِعُ أَبَداً، يَا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِى الْبَلَدِ الْقَفْرِ وَمُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ وَجاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبُودِيَّةِ مَلِكاً، يَا رادَّهُ عَلَىٰ يَعْقُوبَ بَعْدَ أَنِ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ، يَا كاشِفَ الضُّرِّ وَالْبَلْوىٰ عَنْ أَيُّوبَ، وَمُمْسِكَ يَدَيْ إِبْراهِيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَفَناءِ عُمُرِهِ؛
يَا مَنِ اسْتَجابَ لِزَكَرِيَّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيىٰ وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحِيداً، يَا مَنْ أَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ، يَا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِى إِسْرائِيلَ فَأَنْجاهُمْ وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقِينَ، يَا مَنْ أَرْسَلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، يَا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلَىٰ مَنْ عَصاهُ مِنْ خَلْقِهِ، يَا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ وَقَدْ غَدَوْا فِى نِعْمَتِهِ يَأْكُلُونَ رِزْقَهُ، وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ وَقَدْ حادُّوهُ وَنادُّوهُ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ؛
يَا اللّٰهُ يَا اللّٰهُ يَا بَدِىءُ، يَا بَدِيعُ لَانِدَّ لَكَ ، يَا دائِماً لَانَفادَ لَكَ، يَا حَيّاً حِينَ لَاحَىَّ، يَا مُحْيِىَ الْمَوْتىٰ، يَا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ، يَا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِى فَلَمْ يَحْرِمْنِى، وَعَظُمَتْ خَطِيئَتِى فَلَمْ يَفْضَحْنِى، وَرَآنِى عَلَى الْمَعاصِى فَلَمْ يَشْهَرْنِى ، يَا مَنْ حَفِظَنِى فِى صِغَرِى، يَا مَنْ رَزَقَنِى فِى كِبَرِى، يَا مَنْ أَيَادِيهِ عِنْدِى لَاتُحْصىٰ، وَ نِعَمُهُ لَاتُجازىٰ، يَا مَنْ عارَضَنِى بِالْخَيْرِ وَالْإِحْسانِ وَعارَضْتُهُ بِالْإِساءَةِ وَالْعِصْيانِ، يَا مَنْ هَدانِى لِلْإِيمانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الامْتِنانِ، يَا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفانِى؛
وَعُرْياناً فَكَسانِى، وَجائِعاً فَأَشْبَعَنِى، وَعَطْشاناً فَأَرْوانِى، وَذَلِيلاً فَأَعَزَّنِى، وَجاهِلاً فَعَرَّفَنِى، وَوَحِيداً فَكَثَّرَنِى، وَغائِباً فَرَدَّنِى، وَمُقِلّاً فَأَغْنانِى، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِى، وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِى، وَأَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذٰلِكَ فَابْتَدَأَنِى، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ يَا مَنْ أَقالَ عَثْرَتِى، وَنَفَّسَ كُرْبَتِى، وَأَجابَ دَعْوَتِى، وَسَتَرَ عَوْرَتِى، وَغَفَرَ ذُنُوبِى، وَبَلَّغَنِى طَلِبَتِى، وَنَصَرَنِى عَلَىٰ عَدُوِّى، وَ إِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرائِمَ مِنَحِكَ لَاأُحْصِيها؛
يَا مَوْلاىَ أَنْتَ الَّذِى مَنَنْتَ، أَنْتَ الَّذِى أَنْعَمْتَ، أَنْتَ الَّذِى أَحْسَنْتَ، أَنْتَ الَّذِى أَجْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِى أَفْضَلْتَ، أَنْتَ الَّذِى أَكْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِى رَزَقْتَ، أَنْتَ الَّذِى وَفَّقْتَ، أَنْتَ الَّذِى أَعْطَيْتَ، أَنْتَ الَّذِى أَغْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذِى أَقْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذِى آوَيْتَ، أَنْتَ الَّذِى كَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِى هَدَيْتَ، أَنْتَ الَّذِى عَصَمْتَ، أَنْتَ الَّذِى سَتَرْتَ، أَنْتَ الَّذِى غَفَرْتَ، أَنْتَ الَّذِى أَقَلْتَ، أَنْتَ الَّذِى مَكَّنْتَ، أَنْتَ الَّذِى أَعْزَزْتَ، أَنْتَ الَّذِى أَعَنْتَ، أَنْتَ الَّذِى عَضَدْتَ، أَنْتَ الَّذِى أَيَّدْتَ، أَنْتَ الَّذِى نَصَرْتَ، أَنْتَ الَّذِى شَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِى عافَيْتَ، أَنْتَ الَّذِى أَكْرَمْتَ؛
تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ دائِماً، وَلَكَ الشُّكْرُ واصِباً أَبَداً، ثُمَّ أَنَا يَا إِلٰهِىَ الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِى فَاغْفِرْها لِى، أَنَا الَّذِى أَسَأْتُ، أَنَا الَّذِى أَخْطَأْتُ، أَنَا الَّذِى هَمَمْتُ، أَنَا الَّذِى جَهِلْتُ، أَنَا الَّذِى غَفَلْتُ، أَنَا الَّذِى سَهَوْتُ، أَنَا الَّذِى اعْتَمَدْتُ، أَنَا الَّذِى تَعَمَّدْتُ، أَنَا الَّذِى وَعَدْتُ، وَأَنَا الَّذِى أَخْلَفْتُ، أَنَا الَّذِى نَكَثْتُ، أَنَا الَّذِى أَقْرَرْتُ، أَنَا الَّذِى اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ وَعِنْدِى وَأَبُوءُ بِذُنُوبِى فَاغْفِرْها لِى، يَا مَنْ لَاتَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَنِىُّ عَنْ طاعَتِهِمْ، وَالْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْهُمْ بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ إِلٰهِى وَسَيِّدِى؛
إِلٰهِى أَمَرْتَنِى فَعَصَيْتُكَ، وَنَهَيْتَنِى فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ، فَأَصْبَحْتُ لَاذا بَراءَةٍ لِى فَأَعْتَذِرَُ، وَلَا ذا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَُ، فَبِأَيِّ شَىْءٍ أَسْتَقْبِلُكَ يَا مَوْلاىَ ؟ أَبِسَمْعِى ؟ أَمْ بِبَصَرِى ؟ أَمْ بِلِسانِى ؟ أَمْ بِيَدِى ؟ أَمْ بِرِجْلِى ؟ أَلَيْسَ كُلُّها نِعَمَكَ عِنْدِى وَبِكُلِّها عَصَيْتُكَ يَا مَوْلاىَ؟ فَلَكَ الْحُجَّةُ وَالسَّبِيلُ عَلَىَّ، يَا مَنْ سَتَرَنِى مِنَ الْآباءِ وَالْأُمَّهاتِ أَنْ يَزْجُرُونِى، وَمِنَ الْعَشائِرِ وَالْإِخْوانِ أَنْ يُعَيِّرُونِى، وَمِنَ السَّلاطِينِ أَنْ يُعاقِبُونِى، وَلَوِ اطَّلَعُوا يَا مَوْلاىَ عَلَىٰ مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّى إِذاً مَا أَنْظَرُونِى، وَلَرَفَضُونِى وَقَطَعُونِى، فَها أَنَا ذا يَا إِلٰهِى، بَيْنَ يَدَيْكَ يَا سَيِّدِى؛
خاضِعٌ ذَلِيلٌ حَصِيرٌ حَقِيرٌ، لَاذُو بَراءَةٍ فَأَعْتَذِرَُ، وَلَا ذُو قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَُ، وَلَا حُجَّةٍ فَأَحْتَجَُّ بِها، وَلَا قائِلٌ لَمْ أَجْتَرِحْ وَلَمْ أَعْمَلْ سُوءاً، وَمَا عَسَى الْجُحُودُ وَلَوْ جَحَدْتُ يَا مَوْلاىَ يَنْفَعُنِى، كَيْفَ وَأَنَّىٰ ذٰلِكَ وَجَوارِحِى كُلُّها شاهِدَةٌ عَلَىَّ بِما قَدْ عَمِلْتُ ، وَعَلِمْتُ يَقِيناً غَيْرَ ذِى شَكٍّ أَنَّكَ سائِلِى مِنْ عَظائِمِ الْأُمُورِ، وَأَنَّكَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِى لَاتَجُورُ، وَعَدْلُكَ مُهْلِكِى وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِى، فَإِنْ تُعَذِّبْنِى يَا إِلٰهِى فَبِذُنُوبِى بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَىَّ، وَ إِنْ تَعْفُ عَنِّى فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ، لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ؛
لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ، لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الْخائِفِينَ، لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الْوَجِلِينَ، لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ، لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الرَّاغِبِينَ، لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الْمُهَلِّلِينَ، لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ السَّائِلِينَ، لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الْمُكَبِّرِينَ، لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ رَبِّى وَرَبُّ آبائِىَ الْأَوَّلِينَ؛
اللّٰهُمَّ هٰذَا ثَنائِى عَلَيْكَ مُمَجِّداً، وَ إِخْلاصِى لِذِكْرِكَ مُوَحِّداً، وَ إِقْرارِى بِآلائِكَ مُعَدِّداً، وَ إِنْ كُنْتُ مُقِرّاً أَنِّى لَمْ أُحْصِها لِكَثْرَتِها وَسُبُوغِها وَتَظاهُرِها وَتَقادُمِها إِلىٰ حادِثٍ مَا لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُنِى بِهِ مَعَها مُنْذُ خَلَقْتَنِى وَبَرَأْتَنِى مِنْ أَوَّلِ الْعُمْرِ مِنَ الْإِغْناءِ مِنَ الْفَقْرِ، وَكَشْفِ الضُّرِّ، وَتَسْبِيبِ الْيُسْرِ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ، وَتَفْرِيجِ الْكَرْبِ، وَالْعافِيَةِ فِى الْبَدَنِ، وَالسَّلامَةِ فِى الدِّينِ، وَلَوْ رَفَدَنِى عَلَىٰ قَدْرِ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ جَمِيعُ الْعالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ مَا قَدَرْتُ وَلَا هُمْ عَلَىٰ ذٰلِكَ، تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ مِنْ رَبٍّ كَرِيمٍ عَظِيمٍ رَحِيمٍ لَاتُحْصىٰ آلاؤُكَ، وَلَا يُبْلَغُ ثَناؤُكَ؛ وَلَا تُكافىٰ نَعْماؤُكَ، صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَتْمِمْ عَلَيْنا نِعَمَكَ، وَأَسْعِدْنا بِطاعَتِكَ، سُبْحانَكَ لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ .
اللّٰهُمَّ إِنَّكَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ، وَتَكْشِفُ السُّوءَ، وَتُغِيثُ الْمَكْرُوبَ، وَتَشْفِى السَّقِيمَ، وَتُغْنِى الْفَقِيرَ، وَتَجْبُرُ الْكَسِيرَ، وَتَرْحَمُ الصَّغِيرَ، وَتُعِينُ الْكَبِيرَ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ، وَلَا فَوْقَكَ قَدِيرٌ، وَأَنْتَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ، يَا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الْأَسِيرِ، يَا رازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ، يَا عِصْمَةَ الْخائِفِ الْمُسْتَجِيرِ، يَا مَنْ لَاشَرِيكَ لَهُ وَلَا وَزِيرَ؛
صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعْطِنِى فِى هٰذِهِ الْعَشِيَّةِ أَفْضَلَ مَا أَعْطَيْتَ وَأَنَلْتَ أَحَداً مِنْ عِبادِكَ مِنْ نِعْمَةٍ تُولِيها، وَآلاءٍ تُجَدِّدُها، وَبَلِيَّةٍ تَصْرِفُها، وَكُرْبَةٍ تَكْشِفُها، وَدَعْوَةٍ تَسْمَعُها، وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُها، وَسَيِّئَةٍ تَتَغَمَّدُها، إِنَّكَ لَطِيفٌ بِما تَشاءُ خَبِيرٌ وَعَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ .
اللّٰهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِىَ، وَأَسْرَعُ مَنْ أَجابَ، وَأَكْرَمُ مَنْ عَفا، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطىٰ، وَأَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ، يَا رَحْمٰنَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُما، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْؤُولٌ، وَلَا سِواكَ مَأْمُولٌ، دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِى، وَسَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِى، وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِى، وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنِى، وَفَزِعْتُ إِلَيْكَ فَكَفَيْتَنِى؛
اللّٰهُمَّ فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَعَلَىٰ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ، وَتَمِّمْ لَنا نَعْماءَكَ، وَهَنِّئْنا عَطاءَكَ، وَاكْتُبْنا لَكَ شاكِرِينَ، وَلِآلائِكَ ذاكِرِينَ، آمِينَ آمِينَ رَبَّ الْعالَمِينَ .
اللّٰهُمَّ يَا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ، وَعُصِىَ فَسَتَرَ، وَاسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ، يَا غايَةَ الطَّالِبِينَ الرَّاغِبِينَ وَمُنْتَهىٰ أَمَلِ الرَّاجِينَ، يَا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَىْءٍ عِلْماً، وَوَسِعَ الْمُسْتَقِيلِينَ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَحِلْماً؛
اللّٰهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِى هٰذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتِى شَرَّفْتَها وَعَظَّمْتَها بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَأَمِينِكَ عَلَىٰ وَحْيِكَ، الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، السِّراجِ الْمُنِيرِ، الَّذِى أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ .
اللّٰهُمَّ فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما مُحَمَّدٌ أَهْلٌ لِذٰلِكَ مِنْكَ يَا عَظِيمُ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ الْمُنْتَجَبِينَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ، وَتَغَمَّدْنا بِعَفْوِكَ عَنَّا، فَإِلَيْكَ عَجَّتِ الْأَصْواتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ، فَاجْعَلْ لَنَا اللّٰهُمَّ فِى هٰذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصِيباً مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبادِكَ، وَنُورٍ تَهْدِى بِهِ، وَرَحْمَةٍ تَنْشُرُها، وَبَرَكَةٍ تُنْزِلُها، وَعافِيَةٍ تُجَلِّلُها، وَرِزْقٍ تَبْسُطُهُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ؛
اللّٰهُمَّ أَقْلِبْنا فِى هٰذَا الْوَقْتِ مُنْجِحِينَ مُفْلِحِينَ مَبْرُورِينَ غانِمِينَ، وَلَا تَجْعَلْنا مِنَ الْقانِطِينَ، وَلَا تُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلَا تَحْرِمْنا مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلَا تَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ، وَلَا لِفَضْلِ مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطائِكَ قانِطِينَ، وَلَا تَرُدَّنا خائِبِينَ، وَلَا مِنْ بابِكَ مَطْرُودِينَ، يَا أَجْوَدَ الْأَجْوَدِينَ، وَأَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ، إِلَيْكَ أَقْبَلْنا مُوقِنِينَ، وَ لِبَيْتِكَ الْحَرامِ آمِّينَ قاصِدِينَ، فَأَعِنَّا عَلَىٰ مَناسِكِنا، وَأَكْمِلْ لَنا حَجَّنا، وَاعْفُ عَنَّا وَعافِنا، فَقَدْ مَدَدْنا إِلَيْكَ أَيْدِيَنا فَهِىَ بِذِلَّةِ الاعْتِرافِ مَوْسُومَةٌ؛
اللّٰهُمَّ فَأَعْطِنا فِى هٰذِهِ الْعَشِيَّةِ مَا سَأَلْناكَ، وَاكْفِنا مَا اسْتَكْفَيْناكَ، فَلا كافِىَ لَنا سِواكَ، وَلَا رَبَّ لَنا غَيْرُكَ، نافِذٌ فِينا حُكْمُكَ، مُحِيطٌ بِنا عِلْمُكَ، عَدْلٌ فِينا قَضاؤُكَ، اقْضِ لَنَا الْخَيْرَ، وَاجْعَلْنا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ .
اللّٰهُمَّ أَوْجِبْ لَنا بِجُودِكَ عَظِيمَ الْأَجْرِ، وَكَرِيمَ الذُّخْرِ، وَدَوامَ الْيُسْرِ، وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا أَجْمَعِينَ، وَلَا تُهْلِكْنا مَعَ الْهالِكِينَ، وَلَا تَصْرِفْ عَنَّا رَأْفَتَكَ وَرَحْمَتَكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ؛
اللّٰهُمَّ اجْعَلْنا فِى هٰذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ، وَثابَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ، وَتَنَصَّلَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ كُلِّها فَغَفَرْتَها لَهُ، يَا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ .
اللّٰهُمَّ وَنَقِّنا وَسَدِّدْنا وَاقْبَلْ تَضَرُّعَنا، يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَيَا أَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ، يَا مَنْ لَا يَخْفىٰ عَلَيْهِ إِغْماضُ الْجُفُونِ، وَلَا لَحْظُ الْعُيُونِ، وَلَا مَا اسْتَقَرَّ فِى الْمَكْنُونِ، وَلَا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَراتُ الْقُلُوبِ، أَلَا كُلُّ ذٰلِكَ قَدْ أَحْصاهُ عِلْمُكَ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ، سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً، تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضُونَ وَمَنْ فِيهِنَّ وَ إِنْ مِنْ شَىْءٍ إِلّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ؛
فَلَكَ الْحَمْدُ وَالْمَجْدُ وَعُلُوُّ الْجَدِّ، يَا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ، وَالْفَضْلِ وَالْإِنْعامِ، وَالْأَيادِى الْجِسامِ، وَأَنْتَ الْجَوادُ الْكَرِيمُ، الرَّؤُوفُ الرَّحِيمُ . اللّٰهُمَّ أَوْسِعْ عَلَىَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ، وَعافِنِى فِى بَدَنِى وَدِينِى، وَآمِنْ خَوْفِى، وَأَعْتِقْ رَقَبَتِى مِنَ النَّارِ . اللّٰهُمَّ لَاتَمْكُرْ بِى وَلَا تَسْتَدْرِجْنِى وَلَا تَخْدَعْنِى، وَادْرَأْ عَنِّى شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ.
يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ، يَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ، وَيَا أَسْرَعَ الْحاسِبِينَ، وَيَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ، صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ السَّادَةِ الْمَيامِينِ، وَأَسْأَلُكَ اللّٰهُمَّ حاجَتِىَ الَّتِى إِنْ أَعْطَيْتَنِيها لَمْ يَضُرَّنِى مَا مَنَعْتَنِى، وَ إِنْ مَنَعْتَنِيها لَمْيَنْفَعْنِى مَا أَعْطَيْتَنِى، أَسْأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتِى مِنَ النَّارِ، لَاإِلٰهَ إِلّا أَنْتَ وَحْدَكَ لاشَرِيكَ لَكَ، لَكَ الْمُلْكُ، وَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنْتَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، يَا رَبِّ يَا رَبِّ…
میگفت و همه آنانکه اطراف حضرت بودند به دعای حضرت گوش میدادند و به آمین گفتن اکتفا میکردند، در نتیجه صداهایشان با آن حضرت به گریستن بلند شد تا آفتاب غروب کرد، سپس زادوتوشه خود را بار کرده، بهسوی مشعرالحرام حرکت کردند.
این اضافه را آورده:
إِلٰهِى أَنَا الْفَقِيرُ فِى غِناىَ فَكَيْفَ لَاأَكُونُ فَقِيراً فِى فَقْرِى ؟ ! إِلٰهِى أَنَا الْجاهِلُ فِى عِلْمِى فَكَيْفَ لَاأَكُونُ جَهُولاً فِى جَهْلِى ؟ ! إِلٰهِى إِنَّ اخْتِلافَ تَدْبِيرِكَ وَسُرْعَةَ طَواءِ مَقادِيرِكَ مَنَعا عِبادَكَ الْعارِفِينَ بِكَ عَنِ السُّكُونِ إِلىٰ عَطاءٍ، وَالْيَأْسِ مِنْكَ فِى بَلاءٍ . إِلٰهِى مِنِّى مَا يَلِيقُ بِلُؤْمِى وَمِنْكَ مَا يَلِيقُ بِكَرَمِكَ؛
إِلٰهِى وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لِى قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفِى أَفَتَمْنَعُنِى مِنْهُما بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفِى ؟ إِلٰهِى إِنْ ظَهَرَتِ الْمَحاسِنُ مِنِّى فَبِفَضْلِكَ وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَىَّ، وَ إِنْ ظَهَرَتِ الْمَساوِئُ مِنِّى فَبِعَدْلِكَ وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَىَّ .
إِلٰهِى كَيْفَ تَكِلُنِى وَقَدْ تَكَفَّلْتَ لِى ؟ وَكَيْفَ أُضامُ وَأَنْتَ النَّاصِرُ لِى ؟ أَمْ كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ الْحَفِىُّ بِى ؟ ها أَنَا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْرِى إِلَيْكَ، وَكَيْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِمَا هُوَ مَحالٌ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ ؟ أَمْ كَيْفَ أَشْكُو إِلَيْكَ حالِى وَهُوَ لَايَخْفىٰ عَلَيْكَ ؟ أَمْ كَيْفَ أُتَرْجِمُ بِمَقالِى وَهُوَ مِنْكَ بَرَزٌ إِلَيْكَ؛ أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ آمالِى وَهِىَ قَدْ وَفَدَتْ إِلَيْكَ ؟ أَمْ كَيْفَ لَاتُحْسِنُ أَحْوالِى وَبِكَ قامَتْ؟
إِلٰهِى مَا أَلْطَفَكَ بِى مَعَ عَظِيمِ جَهْلِى ! وَمَا أَرْحَمَكَ بِى مَعَ قَبِيحِ فِعْلِى ! إِلٰهِى مَا أَقْرَبَكَ مِنِّى وَأَبْعَدَنِى عَنْكَ ! وَمَا أَرْأَفَكَ بِى ! فَمَا الَّذِى يَحْجُبُنِى عَنْكَ ؟ إِلٰهِى عَلِمْتُ بِاخْتِلافِ الْآثارِ وَتَنَقُّلاتِ الْأَطْوارِ، أَنَّ مُرادَكَ مِنِّى أَنْ تَتَعَرَّفَ إِلَىَّ فِى كُلِّ شَىْءٍ حَتَّىٰ لا أَجْهَلَكَ فِى شَىْءٍ . إِلٰهِى كُلَّما أَخْرَسَنِى لُؤْمِى أَنْطَقَنِى كَرَمُكَ، وَكُلَّما آيَسَتْنِى أَوْصافِى أَطْمَعَتْنِى مِنَنُكَ؛
إِلٰهِى مَنْ كانَتْ مَحاسِنُهُ مَساوِئَ فَكَيْفَ لَاتَكُونُ مَساويِهِ مَساوِئَ ؟! وَمَنْ كانَتْ حَقائِقُهُ دَعاوِىَ فَكَيْفَ لَاتَكُونُ دَعاويِهِ دَعاوِىَ ؟! إِلٰهِى حُكْمُكَ النَّافِذُ وَمَشِيئَتُكَ الْقاهِرَةُ لَمْ يَتْرُكا لِذِى مَقالٍ مَقالاً، وَلَا لِذِى حالٍ حالاً . إِلٰهِى كَمْ مِنْ طاعَةٍ بَنَيْتُها، وَحالَةٍ شَيَّدْتُها هَدَمَ اعْتِمادِى عَلَيْها عَدْلُكَ، بَلْ أَقالَنِى مِنْها فَضْلُكَ . إِلٰهِى إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّى وَ إِنْ لَمْ تَدُمِ الطَّاعَةُ مِنِّى فِعْلاً جَزْماً فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً . إِلٰهِى كَيْفَ أَعْزِمُ وَأَنْتَ الْقاهِرُ ؟ وَكَيْفَ لَاأَعْزِمُ وَأَنْتَ الْآمِرُ؛
إِلٰهِى تَرَدُّدِى فِى الْآثارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزارِ فَاجْمَعْنِى عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُنِى إِلَيْكَ، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ فِى وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ ؟ أَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ مَا لَيْسَ لَكَ حَتَّىٰ يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ ؟ مَتىٰ غِبْتَ حَتَّىٰ تَحْتاجَ إِلىٰ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْكَ؟ وَمَتىٰ بَعُدْتَ حَتَّىٰ تَكُونَ الْآثارُ هِىَ الَّتِى تُوصِلُ إِلَيْكَ ؟ عَمِيَتْ عَيْنٌ لَاتَراكَ عَلَيْها رَقِيباً، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصِيباً؛
إِلٰهِى أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْآثارِ فَأَرْجِعْنِى إِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الْأَنْوارِ وَهِدايَةِ الاسْتِبْصارِ حَتَّىٰ أَرْجِعَ إِلَيْكَ مِنْها كَما دَخَلْتُ إِلَيْكَ مِنْها مَصُونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْها، وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الاعْتِمادِ عَلَيْها، إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ .
إِلٰهِى هٰذَا ذُلِّى ظاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَهٰذَا حالِى لَايَخْفىٰ عَلَيْكَ، مِنْكَ أَطْلُبُ الْوُصُولَ إِلَيْكَ، وَبِكَ أَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ، فَاهْدِنِى بِنُورِكَ إِلَيْكَ، وَأَقِمْنِى بِصِدْقِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ . إِلٰهِى عَلِّمْنِى مِنْ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ، وَصُنِّى بِسِتْرِكَ الْمَصُونِ؛
إِلٰهِى حَقِّقْنِى بِحَقائِقِ أَهْلِ الْقُرْبِ، وَاسْلُكْ بِى مَسْلَكَ أَهْلِ الْجَذْبِ . إِلٰهِى أَغْنِنِى بِتَدْبِيرِكَ لِى عَنْ تَدْبِيرِى، وَبِاخْتِيارِكَ عَن اخْتِيارِى، وَأَوْقِفْنِى عَلَىٰ مَراكِزِ اضْطِرارِى .
إِلٰهِى أَخْرِجْنِى مِنْ ذُلِّ نَفْسِى، وَطَهِّرْنِى مِنْ شَكِّى وَشِرْكِى قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِى، بِكَ أَنْتَصِرُ فَانْصُرْنِى، وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ فَلا تَكِلْنِى، وَ إِيَّاكَ أَسْأَلُ فَلا تُخَيِّبْنِى، وَفِى فَضْلِكَ أَرْغَبُ فَلا تَحْرِمْنِى، وَبِجَنابِكَ أَنْتَسِبُ فَلا تُبْعِدْنِى، وَبِبابِكَ أَقِفُ فَلا تَطْرُدْنِى؛
إِلٰهِى تَقَدَّسَ رِضاكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ فَكَيْفَ تَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنِّى ؟ إِلٰهِى أَنْتَ الْغَنِىُّ بِذاتِكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ فَكَيْفَ لَا تَكُونُ غَنِيّاً عَنِّى ؟ إِلٰهِى إِنَّ الْقَضاءَ وَالْقَدَرَ يُمَنِّينِى، وَ إِنَّ الْهَوىٰ بِوَثائِقِ الشَّهْوَةِ أَسَرَنِى، فَكُنْ أَنْتَ النَّصِيرَ لِى حَتَّىٰ تَنْصُرَنِى وَتُبَصِّرَنِى، وَأَغْنِنِى بِفَضْلِكَ حَتَّىٰ أَسْتَغْنِىَ بِكَ عَنْ طَلَبِى، أَنْتَ الَّذِى أَشْرَقْتَ الْأَنْوارَ فِى قُلُوبِ أَوْلِيائِكَ حَتَّىٰ عَرَفُوكَ وَوَحَّدُوكَ، وَأَنْتَ الَّذِى أَزَلْتَ الْأَغْيارَ عَنْ قُلُوبِ أَحِبَّائِكَ حَتَّىٰ لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ وَلَمْ يَلْجَأُوا إِلىٰ غَيْرِكَ، أَنْتَ الْمُؤْنِسُ لَهُمْ حَيْثُ أَوْحَشَتْهُمُ الْعَوالِمُ، وَأَنْتَ الَّذِى هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمُ الْمَعالِمُ، مَاذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ وَمَا الَّذِى فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ ؟
لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِىَ دُونَكَ بَدَلاً، وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغىٰ عَنْكَ مُتَحَوِّلاً، كَيْفَ يُرْجىٰ سِواكَ وَأَنْتَ مَا قَطَعْتَ الْإِحْسانَ ؟ وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَأَنْتَ مَا بَدَّلْتَ عادَةَ الامْتِنانِ ؟ يَا مَنْ أَذاقَ أَحِبَّاءَهُ حَلاوَةَ الْمُؤانَسَةِ فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقِينَ، وَيَا مَنْ أَلْبَسَ أَوْلِياءَهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرِينَ، أَنْتَ الذَّاكِرُ قَبْلَ الذَّاكِرِينَ، وَأَنْتَ الْبادِئُ بِالإِحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعابِدِينَ، وَأَنْتَ الْجَوادُ بِالْعَطاءِ قَبْلَ طَلَبِ الطَّالِبِينَ، وَأَنْتَ الْوَهَّابُ ثُمَّ لِما وَهَبْتَ لَنا مِنَ الْمُسْتَقْرِضِينَ؛
إِلٰهِى اطْلُبْنِى بِرَحْمَتِكَ حَتَّىٰ أَصِلَ إِلَيْكَ، وَاجْذِبْنِى بِمَنِّكَ حَتَّىٰ أُقْبِلَ عَلَيْكَ . إِلٰهِى إِنَّ رَجائِى لَايَنْقَطِعُ عَنْكَ وَ إِنْ عَصَيْتُكَ، كَما أَنَّ خَوفِى لَايُزايِلُنِى وَ إِنْ أَطَعْتُكَ، فَقَدْ دَفَعَتْنِى الْعَوالِمُ إِلَيْكَ، وَقَدْ أَوْقَعَنِى عِلْمِى بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ .
إِلٰهِى كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ أَمَلِى ؟ أَمْ كَيْفَ أُهانُ وَعَلَيْكَ مُتَّكَلِى ؟ إِلٰهِى كَيْفَ أَسْتَعِزُّ وَفِى الذِّلَّةِ أَرْكَزْتَنِى ؟ أَمْ كَيْفَ لَا أَسْتَعِزُّ وَ إِلَيْكَ نَسَبْتَنِى؛
إِلٰهِى كَيْفَ لَاأَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذِى فِى الْفُقَراءِ أَقَمْتَنِى ؟ أَمْ كَيْفَ أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذِى بِجُودِكَ أَغْنَيْتَنِى ؟ وَأَنْتَ الَّذِى لَاإِلٰهَ غَيْرُكَ تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَىْءٍ فَما جَهِلَكَ شَىْءٌ، وَأَنْتَ الَّذِى تَعَرَّفْتَ إِلَىَّ فِى كُلِّ شَىْءٍ فَرَأَيْتُكَ ظاهِراً فِى كُلِّ شَىْءٍ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ لِكُلِّ شَىْءٍ، يَا مَنِ اسْتَوىٰ بِرَحْمانِيَّتِهِ فَصارَ الْعَرْشُ غَيْباً فِى ذاتِهِ، مَحَقْتَ الْآثارَ بِالْآثارِ، وَمَحَوْتَ الْأَغْيارَ بِمُحِيطاتِ أَفْلاكِ الْأَنْوارِ، يَا مَنِ احْتَجَبَ فِى سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الْأَبْصارُ، يَا مَنْ تَجَلَّىٰ بِكَمالِ بَهائِهِ فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ مِنَ الاسْتِواءَ، كَيْفَ تَخْفىٰ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ ؟ أَمْ كَيْفَ تَغِيبُ وَأَنْتَ الرَّقِيبُ الْحاضِرُ ؟ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، وَالْحَمْدُ لِلّٰهِ وَحْدَهُ.